أم كلثوم... أول الطرب وآخره
لست من عشاق الكتابة الأدبية ، ولم أفكر
يوماً بأن أكتب نثراً أو حتى أسطراً مليئة بالمفردات والتعابير الحسنة ، لكني في
الحقيقة قد ألجأ لمثل هذه الأسلوب حين أكتب عن أم كلثوم ، نلف وندور ونسمع الإذاعات وقنوات وفي النهاية نعود إليها ، هي أول الطرب وآخره ، كيف يمكن لأحد أن
يتجرأ ويغني في مسرح أمام جمعٍ من الناس بعد أن غنت صاحبة هذا الصوت الشجي ،
أحياناً حين أدقق في صوت أم كلثوم لوحده وأتخيله يظهر على شكل سيدة لم يمنحها الله
القدر الكافي من الجمال ، أشعر بأن الصوت عادي وبه بعض الخشونة في بعض الأحيان ،
لكنها حين تغني يتغير حال هذا الصوت إلى آخر شجي لأتمل سماعه ولا تنفر منه الأذن
حتى ولو دام الاستماع ساعات طوال .
غريب صوت أم كلثوم ، وأعتقد أن الدراسات في
هذا الجانب قليلة جداً بل ونادرة ، كيف خرجت هذه المرأة من بيئة شعبية تقليدية
لتعتلي زعامة الغناء في الوطن العربي بأكمله حتى وبعد وفاتها بأكثر من ثلاثين
عاماً ، لعل ما ميز مرحلة أم كلثوم أنها ظهرت في جيل العمالقة كمحمد القصبجي و
زكريا احمد و عبدالوهاب والسنباطي وبليغ حمدي وأحمد رامي و بيرم التونسي...
، كما أنها ظهرت في جيل (السميعة ) الذين يأتون للمسرح بكامل أناقتهم و(احترامهم )
.. يأتون لسماع (الست ) التي تقابل هذا الحب .. بحب وبكلمات وألحان وأداء مذهل لن
يتكرر .
لأن أم كلثوم حالة خاصة ، لا يمكنك أن تسمع
أغنية لها ثم تشعر بالملل أو عدم القبول ، كل أغانيها روائع وكل روائعها (معلقات
غنائية ) لن يمحيها الزمن حتى ونحن ندخل في عصر موسيقي جديد يغلب على طابعه
الإيقاع الراقص والكلمات السطحية والأصوات النشاز .
المصريون مقصرون كثيراً في حق أم كلثوم ،
ربما باستثناء المسلسل الرائع الذي تألقت فيه (صابرين ) إلا أن صوت أم كلثوم لم
ينقل بشكل حسن إلى دول العالم ، أجزم بأنها لو أوصلت لحظيت بقبول واعجاب وافر ،
أذكر مرة وأنا أستقل قطاراً في ألمانيا في منتصف ليل تقريباً في رحلة دامت 6 ساعات
، كنت أعتقد أني وحيدٌ في عربة فأخذت أسلي نفسي بسماع صوت أم كلثوم من هاتفي
الجوال وأنا مابين نائم ومتذمر من طول المسافة ، عند الوصول إلى المحطة وأنا أهم بحمل
حقائبي تفاجأت بسيدة (عرفت أنها مكسيكية لاحقاً ) وهي تقول ( أرجوك أن ترسل لي
جميع الأغاني التي كنت تسمعها في الطريق ) ، استغربت وقلت بأنها لمطربة عربية ولن
تعرف أي جملة منها لكنها أكدت بأن الصوت الذي كنت أسمعه أسرها ولم تسمع له مثبلاً
، أقول هذا الموقف وأنا الذي مررت به ولم يروى لي فلان وعلان ، وأذكر أنها طلبت
كتابة اسم أم كلثوم ليتسنى لها البحث في جوجل .غلبت اصالح ، ياللي كان
يششجيك انيني ، جددت حبك ، انت الحب
أغار
من نسمة الجنوب ، سيرة الحب ، بعيد عنك ، الأطلال ،أراك عصي الدمع ،أنساك ، فات
الميعاد ،اهل الهوى، هو صحيح، من أجل عينيك عشقت الهوى... هذه روائع لا يمكن للمطربين الحاليين ولو
اجتمع منهم 100 شخص على عمل ولو (كوبليه ) واحد شبيه مثلها، لا أقول سوى .. أم
كلثوم وكفى
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire